المنطقة الحرة

التأويل المجحف في (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)

كنت قد أتممت قراءة سورة الكهف طلبًا لنورها وفيضها المبارك يوم الجمعة وفي كل وقت، فليس هناك أنضر من كلمات الله في بث روح السكينة والهدوء والتفويض والأمل.
ألقى عليّ السلام ثم سألني: “ما رأيك في قوله تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)؟”.
قلت: “آية عظيمة وجمال عظمتها في تحديد دلالتها البكر، فالآية بها طمأنة وجبر خاطر لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خرج من مكة عنوة مهاجرًا للمدينة بعد أن ترك كل شيء. يخرج من وطنه مفارقا كل حبيب، طاويًا نفسه على ذكريات الأهل والأحباب والوطن والحب والمكان ولا يدري.
ترك الوطن والخروج منه عنوة لحظة قاسية وحادة لأنها تقطع دفاتر الذكرى والحب والأنس. ومن ثم تحمل الآية بلاغة الرحمة والأمن والطمأنينة (لرادك إلى معاد)، إلى وطنك. هناك اتساع لمعنى الآية إذ يفسّر بعضهم هذا الوعد بيوم القيامة، ويفسره بعضهم بالموت، وفي ذلك لون من إجحاف التأويل.
كأنه يرى البيت معادلًا للوطن، وهذا معنى رائع وواسع في مفهوم البيت الذي يحمل كل عناصر الأمن والحب والرأفة والرحمة

المعنى الطيب أيضا استفدته من مولانا السبعيني الجميل الذي قال لي “عندما تترك بيتك وتذهب للعمل أو لقضاء أشياء ما تذكر هذه الآية جيدًا (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) كي تنال بعضًا من بركتها وتعود إلى بيتك مجبورًا”.

كأنه يرى البيت معادلًا للوطن، وهذا معنى رائع وواسع في مفهوم البيت الذي يحمل كل عناصر الأمن والحب والرأفة والرحمة، وما الأوطان إلا بهذا المعنى، وما البيوت أيضًا إلا بهذا الحضور العظيم.
الأجمل أيضًا أن هذه الآية ليست مكّية أو مدنية، فقد نزلتْ في منطقة تسمى الجحفة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه المبارك للمدينة”.
اقرأ أيضًا:

Comments

التعليقات

أظهر المزيد

مقالات مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى