كيف تدعو في المطر وأشهر الأخطاء اللغوية في الدعاء
بمناسبة المطر، ظهرت على صفحات فيس بوك دعوات المطر المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها للأسف كُتبت بطريقة خاطئة، ما أفسد معناها وحوله، وجعل بعض العبارات تبدو كمزحة، في هذا المقال اعرف كيف تدعو في المطر وأشهر الأخطاء اللغوية في الدعاء.
الصَيِّب والصَيْب
من المأثور عن الرسول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إذا حضر المطر مان يدعو ربه قائلا (اللهم صيِّبًا نافعًا)، فالصواب أن تقول صيِّبًا بتشديد الياء، لا صيْبا بتسكين الياء.
الصيِّب هو المطر الغزير، ومن ذلك قوله تعالى (أَو كَصَيِّبٍ من السماءِ) أي المطر الشديد، أما الصيْب فمصدر الفعل صاب، نقول: صابه السهم صيْبًا، أي أصابه.
وبالتأكيد لا نقول كما كتب البعض اللهم صبيًا نافعًا، مبدلًا بين الباء والياء، فأصبح يدعو أن يرزقه الله ولدًا ذكرًا!
اقرأ أيضا: أشهر الكلمات المتشابهة في اللغة العربية والفروق اللغوية بينها |
بلاغة الدعاء
ومن البلاغة في دعاء الرسول الكريم ذكر كلمة “نافعًا” في دعائه، وهو ما يسميه البلاغيون الاحتراز، والاحتراز هو التحفّظ والتوقِّي والاحتراس والاحتياط، لتحديد معنى بعينه ودفع ما سواه، فالمطر يمكن أن يكون نافعًا أو مدمرًا، لذا تحفَّظنا وحدَّدنا النوع الذي نقصده وندعو به قائلين “نافعًا”.
ومن ذلك في القرآن الكريم قول الله تعالى لموسى (وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء) من غير سوء هنا احتراز، تحفّظ، لطمأنة موسى أن البياض ليس ناتجًا عن مرض إنما عن معجزة.
وكذلك قوله تعالى (يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم)، سلاما هنا احتراز، لأن البرد قد يكون مهلكًا، أما “سلاما” هنا فحدَّدت معنى هذا البرد وحصرته في المعنى الجيد.
ومن ذلك أيضًا قول الشاعر:
وأصفحُ عن سبابِ الناسٍ حِلمًا وشرُ الناسِ من يهوى السِّبابا
فقد ذكر كلمة (حِلمًا) هنا احترازًا منه، كي لا يفهم أنَّ الصفح بسبب ضعف منه.
هل لا بد من استخدم صيغة دعاء الرسول نفسها؟
يجب أن نوضح أنك لستَ مضطرًا لاستخدام الألفاظ القديمة نفسها التي كان يدعو بها الصحابة، فهي ابنة بيئتها، وهي منتج حضاري لا ديني، إذ هكذا كانت اللغة على أيامهم، واللغة كائن حي يتطوَّر ويتبدَّل ليناسب العصر الذي يعيش فيه، فإن كنت تسعى لفعل ذلك تيمنًا بهم واقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، فلا بأس، لكن بعد فهم ما تنطق به فهما صحيحا ومعرفة كيفية نطقه.
أما إن كانت الألفاظ صعبة عليك، وتجد مشقة في نطقها أو لا تفهم معناها على وجهه الصحيح، فاستخدم أي صيغة للدعاء تناسبك، أي كلام يفتح به الله عليك انطق به، وهو إن شاء الله سيستجيب، فليس القبول مرهونًا بلفظ معين، ولا معقود بناصية صيغة بعينها.
وهكذا رأينا كيف كيف تدعو في المطر وأشهر الأخطاء اللغوية في الدعاء، ووصلنا إلى أن الصيغة ليست هي أهم شيء في الدعاء إنما النية واستحضار عظمة الخالق والتضرع إليه مع اليقين في حسن استجابته.
اقرأ أيضًا:
آية الطيبون للطيبات.. هل تتعارض مع واقع حياتنا؟
هل هي خضراوات أم خضروات؟ وما الدليل؟
المنصات المناسبة لتسويق محتواك كيف تختارها؟ ولماذا؟ وما الذي تتوقعه من كل منها؟