المنطقة الحرة

العودة إلى الماضي في مركبة زمنية محيطها غلاف كتاب

تدقيق لغوي: جهاد السنيطي

كنت منغمسة في قراءة رواية، حينما باغتني أخي الصغير بسؤال “من هذه التي على الغلاف؟” أجبته أنها “مديحة كامل، ممثلة”، فلم تمض ثوان حتى سألني وما علاقتها بـ”عمر طاهر”؟!

صمتُّ فترة وجيزة أفكر حقًّا ما العلاقة بينهما؟

وعندها أجبته: حقًّا لا علاقة واضحة، فهكذا هو عُمر طاهر.

لم أكن أسأل نفسي من قبل ما علاقة كل الأمور التي يكتب عنها عمر طاهر ببعضها، سوى أنها قضاياه الخاصة جدًّا التي لم يذكرها أحد من قبل، فقرر أن يخوض هو حديثًا لا ينقطع مع الزمن.

في ٢٠١٠، بوصفي مراهقة تمر بعامها الأول من المرحلة الثانوية، كنت أهتم بالشعراء والكُتاب وأسجل ملاحظاتي الصحفية الأولى، وذات نهار شاهدت مذيعًّا له ابتسامة باشَّة، يرتدي نظارات طبية، حاولت جاهدة أن أتذكره دون جدوى، جلستُ وشاهدتُ أول حلقة لي من “مصري أصلي”، ووقتها عرفت أن المذيع هو الكاتب الصحفي عُمر طاهر.

وبوصفي ابنة لأب يقرأ الجرائد القومية، ويزرع فيها منذ صغرها الاهتمام بالوضع العام، كنت أتعثر من حين لآخر بمقال هنا أو هناك لـ”عُمر”، نشأت المحبة بيني وبين وكتاباته بوصفه كاتبًا شابًّا يُعبر عما أود قوله، يومًا ما أودّ مقابلته وإجراء حوار صحفي معه بوصفه كاتبي المفضل.

وبعد أعوام، وقراءة مئات المقالات، وتتبع خطى كاتبي العزيز من جريدة لأخرى، ومن مقالات يومية لأخرى أسبوعية إلى قراءة روايته المترجمة “عند نهر بيدرا جلست وبكيت” وعندها ظهر “عمر” آخر لم أكن أعرفه!

فكاتبي المفضّل البسيط الساخر له تجربة فريدة مع “باولو كويهلو”، ساعدتني أن أتجرأ وأراسله فما كان من كاتبي إلا أن يردّ على رسالتي برسالة صوتية، وعندها عدت تلك المراهقة التي رد عليها نجمها المفضل.

 وعندما عزمت على اقتناء مجموعة كتبه الكاملة، من “إذاعة الأغاني”، لرواية “كحل وحبهان”  بدأت زيارات متكرّرة للمكتبات للحصول على “أثر النبي”، وشراء “شكلها باظت”، و”رصف مصر”، فلم أجد فيه وحسب كاتبًا يجعلنا نعود إلى الماضي في مركبة زمنية محيطها غلاف كتاب، بل وجدت أنه ليس أحد كعُمر طاهر قضيته ألا تختفي الشخصية المصرية وأن يكشف عظمتها وتفردها وينقلها للأجيال التي فقدت ذلك.

ستظل بصمة عُمر طاهر حاضرة  كلما استمعت إلى أغاني منير ونور الهدى وفايزة أحمد، وكلما صعدت إلى حافلة عامة، وكلما دلفتُ إلى مطبخي لأعد وجبة طعام عابرة، وكلما مر عليَّ من بعيد صوت النقشبندي، وكلما قلت لأحدهم “جر ناعم”، وكلما رأيت فيلمًا لتوم هانكس!

ومن هنا حتى حد السماء كل أمنياتي لكاتبي المفضل بالخير والسعادة.اقرأ أيضا

المترجمة شيماء بدير


اقرأ أيضًا:

مَن علَّم عمر طاهر حب “الدعبسة”؟

عمر طاهر.. رمز شبابي للثقافة والمعرفة

موقف مع عمر

Comments

التعليقات

أظهر المزيد

مقالات مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى