موقف مع عمر
لستُ من هواة القراءة الكثيرة على الرغم من حبي للغة العربية، فالكتب لا تستهويني إلا لسبب.. هكذا خلقني الله..
لم أعرف كثيرًا عن عمر طاهر وكتابته التي أشاد بها كثر ممن أثق في رأيهم..
لم أقرأ له إلا بضع مقالات هنا وهناك.. ولكني أذكر بالتحديد مقال (احنا زارنا النبي).. وكم كان ماتعًا!
جمعني به موقف واحد فقط..
كنت أعمل منذ ما يقرب من عام في استوديو للتسجيلات الصوتية.. عملي هو الرقابة اللغوية، وهو -لمن لا يعرف- أن تجلس مع المعلّق الصوتي لتصحّح له اللغة العربية فيخرج عمله مضبوطًا لغويًا..
وفي ذلك اليوم وجدت عمر طاهر يدخل الاستوديو.. يسلِّم على الجميع كأنه صاحبهم..
ثم طُلب مني أن أكون مراقبة معه في أثناء تسجيله كتاب (كحل وحبهان)..
ودخلت الاستوديو ومع أول تعليق لغوي لي.. قال إنه لا يريد تسجيل الكتاب بهذه الطريقة.. هو يريد أن يقرأه كأنه يحكي حكاية لأصدقائه وأحبابه.. فلا يلتزم كثيرًا بقواعد اللغة وإنما تخرج قريبة إلى العامية منها إلى الفصحى.. ويريدون مني أن أتابعه في القراءة فقط..
طبعًا كان الموقف محرجًا لي، وشعرت باستياء.. فعملي كما قلت هو الرقابة اللغوية..
لكنه بعد خمس دقائق فقط خرج وجاءني حيث كنت أعمل وطيَّب خاطري قائلًا: “أنا عارف إن ده شغلك وأنا فاهم إنك عايزة تعمليه صح”.. وأهداني كتابه كحل وحبهان!
قليل من الناس من يفعل ذلك، خاصة إذا كان الناس يعاملونه بتبجيل، كونه مشهورًا ومعروفًا.. لكني حقيقة ازددت له احترامًا وتقديرًا..
كل عام وأنت بخير يا أ.عمر.
اقرأ أيضًا:
مَن علَّم عمر طاهر حب “الدعبسة”؟
عمر طاهر.. رمز شبابي للثقافة والمعرفة
العودة إلى الماضي في مركبة زمنية محيطها غلاف كتاب