عامَ 2009 كنت أركب مع صديقي الحافلة متجهين إلى جامعة القاهرة، وكان في يده كتاب جذبني غلافه، فسألته: ما هذا الكتاب؟ أجابني: أنه كتاب كابتن مصر للكاتب عمر طاهر، كاتب عبقري في الأدب الساخر، لم أقرأ الكتاب وقتها لكنه شبك في عقلي مع الاسم وترك فيّ رغبة ملحة لمعرفة من هو عمر طاهر، وشاءت الأقدار أن يمضي الوقت وأنجذب أكثر للقراءة والكتابة، ثم في بداية عام 2017 ألتحق بالعمل في شركة Storytel للكتب الصوتية، وأبدأ رحلة البحث بين دور النشر والكتب والكتّاب عن أهم الأعمال التي ينبغي إضافتها إلى المكتبة الصوتية العربية.
وبالتأكيد أعمال الكاتب عمر طاهر كانت في مقدمة هذه الخيارات، ومع كل كتاب جديد يصدر للكاتب كنت أشعر بالنوستالجيا لتلك اللحظة التي رأيت كتابه فيها أول مرة، فأعماله تحمل داخلها حنينًا ساحرًا لدفء الماضي، وبعدها تعاقدنا على رواية (كحل وحبهان) من دار الكرمة للنشر والتوزيع، وقررنا أن نقدم لمحبي عمر طاهر تجربة مميزة، أن يستمعوا للرواية بصوت مؤلفها، وكانت هذه هي المرة الأولى التي التقيته فيها.
أمر صعب أن تقابل شخصًا يمثّل لك أسطورة منذ زمن بعيد، عادة تتحطم الأساطير التي يحيكها عقلك عن كاتب ما عندما تلتقيه و تكتشف أنه يختلف كثيرًا عما ظننته، لكن التجربة هذه المرة كانت مختلفة؛ فعمر طاهر يشبه كثيرًا الروح داخل كتاباته، حتى لتشعر أنه رمز شبابي للثقافة والمعرفة، يحمل داخله ذكريات وآلام وأوجاع عقود من وطنٍ كامل، لم نتحدث كثيرًا لكن استمتعت كثيرًا بحديثه، كنت أتعمد السكوت في حضرته، لأستمع وأستمتع بأكبر قدر من الوعي والمعرفة والخبرة التي مرّ بها هذا العقل، والجميل أن نبرة صوته تحمل شجن الماضي وتُلائم كثيرًا محتوى رواية كحل وحبهان.
وبمناسبة يوم مولده، أتمنى أن يكون في تمام الصحة والعافية، هو وكل من يحب، وأشكره أن وفَّر لنا تجربة كاتب ملهمة تستحق التأمل والدراسة، وأتطلع لرؤية مزيد من إسهاماته في المجالات الفنية والأدبية والثقافية.
حسام نادر ناشر في شركة Storytel
اقرأ أيضًا:
مَن علَّم عمر طاهر حب “الدعبسة”؟
العودة إلى الماضي في مركبة زمنية محيطها غلاف كتاب