مبحبش خالص الكتابة بـ”العامية”، بس بما إني بعتبر عمر طاهر “عمي” في الشغلانة، وبما إن عنوان المقال طلع معايا بالعامية، فنكملها عامية.
أول لقاء كان في مقر جريدة الدستور القديم من 25 سنة بالقرب من ميدان مصطفى كامل، غالبًا اللي كنا قاعدين عليها دي ترابيزة سُفرة مش ترابيزة مكتب، كان لقاء سريع، غالبًا هو نفسه كمان مش فاكره!
كنت في تانية جامعة رايح هناك بترشيح من نجم الجيل وقتها في كلية الإعلام بلال فضل، ما طوّلتش التجربة لأسباب لا محل لها حاليًّا، لكن بقى في ذاكرتي بعض مشاهد من بينها اللقاء الخاطف والسريع مع عمنا عمر طاهر.
كان هادي جدًّا وقاعد في سكون، وقتها كان ممكن يتفسر ده بإن كلنا جيل جديد وقاعدين قلقانين نعمل دوشة تزعل الأساتذة الكبار، الحوار كان مجرد تعارف، بس فضل اسمه في بالي على طول، ولما اتشهر ورجعت تاني للمشهد ده، حسّيت إن سكون عمر ما كانش يومها للأسباب اللي توقعتها، هو سكوت المتأمل المراقب اللي بيبص في السما يلقط الفكرة وهي طايرة ويدوّنها في ذاكرته ثم يحولها لكلام على ملف وررد.
أي صحفي اشتغل تحقيقات بيعرف يطلّع أفكار بسهولة، بس عمر ما كانش بيطلع أفكار صحفية زينا، عمر ممكن يحوِّل أي كلام بين اتنين لفكرة، أي صوت طالع من راديو سواء لمذيع أو مطرب لحكاية، عمر يقدر يربط بين خبر سمعه في نشرة الأخبار ومانشيت جرنال النهارده وكلمة قالها له بتاع الديلفري ويطلع منهم بكتابة يصعب على الكثيرين تفكيكها والوصول لبداية تفكيره فيها!
مرّت السنين، وكنت بتابع تحقيقاته المتميزة في مجلة نص الدنيا، كانت وقتها أكتر مطبوعة أسبوعية بنعتبرها منافسة لينا في مجلة صباح الخير، وهوب هوب هوب، قال لك ده فيه كتاب اسمه كابتن مصر مكسّر الدنيا، مليش قوي في القراية السريعة للكتب، قريت كتبه الأولانية متأخّر شوية، قبل ما أكون من أوائل اللي بيقروا كتبه الجديدة، بس فضلت متابع له ولأفكاره اللي بيلقطها وهي طايرة، وكان يوم ما ياخد مني جملة في مقال، أو يدعوني أدير ندوة أو حفل توقيع بمنزلة إضافة حقيقية لمعارفي الصحفية. (شايفين.. فيه جمل كده ما بعرفش أكتبها عامية).
أهم ميزة بيمتلكها عمر اللي البعض بيشوفه مزاجي ومتشدد أحيانًا في أفكار بعينها، أهم ميزة هو أنه ماشي دايمًا لقدام، بيجدد من نفسه ومن أسلوب كتاباته، ولسة قادر يلمس اهتمامات الناس ويعبّر عنها، وخسرانين كتير جدًّا حاليًّا إنه مش بيكتب مقال يومي ولا بيعمل برنامج إذاعي ولا بيقدم برنامج تليفزيوني، بس عزاءنا إنه غالبًا بيستغل الوقت ده عشان يلقط أفكار كتير وهي طايرة ويفاجئنا بيها، امتى وازاي؟
عمر طاهر بس اللي يعرف.
اقرأ أيضًا:
عمر طاهر.. الكاتب الذى يستطيع أن يلملم العبق في سطور!
عمر طاهر.. صنايعي الكتابة الحقيقي!