“الخبز يقول: إنه لا بد من شريك، خلقت الحياة من أجل واحد، ثم اقتضت الحكمة أنه من الأفضل أن تُقسم على اثنين”.
هكذا كان لعمر طاهر الفضل في أن أفهم لماذا لا ألجأ أبدًا إلى رغيف خبز جديد ما دامت هناك لقمة أمام أحدنا، وهكذا فهمت لماذا توقفت عن مشاركة رغيفي معه أيضًا.
عمر طاهر الفيلسوف كما أحب أن ألقبه، هو صديق جديد لم يحالفني الحظ أن أعرفه منذ بداياته، ولكن -كما يقولون- أن تتعرَّف إلى عمر طاهر متأخرًا خير من ألا تنال سعادة المعرفة أبدًا، بدأت معرفتي به في إحدى ليالي يناير الحزينة، كانت حياتي مقلوبة رأسًا على عقب ولم تكن لدي أي رغبة في مواجهة أيام جديدة، خرجت يومًا من منزل آيل لفض الشراكة لأشتري كتابًا يكون سببًا في حثي على ترك الفراش البارد، هناك على الرف كان، فتحته لأعرف حظي-عادتي حين أتجول في متجر للكتب- وقرأت:
“يوترني ضغط مراقبة اللبن وهو على البوتاجاز ورفعه قبل أن يغلي مهمة علمتني معنى الغدر مبكرًا.
يوترني أن أثير الإعجاب بالصدفة معجزة قدمتها ومن المستحيل أن أكررها”.
كانت هذه أنا من داخل كحل وحبهان..
الرواية التي صاحبتني في أصعب أيام حياتي التي من أجلها قررت أن أقرأ لعمر طاهر، عمر طاهر الكاتب الذى استطاع أن يلملم العبق في سطور:
“يقول العلم إن رائحة الكتب القديمة هي خليط روائح مواد طيارة عالقة بالورق والحبر.
ويقول قلبي إنها قصة طويلة، هي رائحة دخان سجائر أول قارئ مع رائحة الزهور المجففة التى خبأها بين الصفحات القارئ التالي وهو عاشق، مع رائحة فراش القارئة الثالثة وهي فتاة جميلة نامت والكتاب في أحضانها، ثم اختلط كل هذا برائحة الخشب البندقي لمكتبة في غرفة عتيقة الأثاث داخل بيت يسكنه رجل أرمل يقضي وقته في القراءة وسقاية قصاري الياسمين الموضوعة على شرفة غرفته، وحدث مرة أن سقطت من كوب في يده بعض قطرات من الشاي الأخضر وامتصها الورق”.
كل عام وأنت هنا معنا، كل عام وأنت أصدق من يختزل الحميمية في سطور.
اقرأ أيضًا:
عمر طاهر.. صنايعي الكتابة الحقيقي!
عمر طاهر.. اللي بيلقطها وهي طايرة!