كتب عمر طاهر ذات مرة مقالًا اسمه: “الحياة داخل فايل وورد” وقال فيه: «فايل الوورد مفتوح طوال اليوم ألقي فيه أفكارًا ثم أضعها على جنب، أكتب سطورًا طويلة ثم أكتشف أن هذا المعنى سبق أن قاله أحدهم، فأسحب الفايل على وجهه حتى سلة الريسايكل بن، حتى خطط الحياة أفتح لها فايل وورد لأسجل ما أنوي فعله.. لا توجد إجازة في هذا العمل، هي المهنة الوحيدة التي لا راحة فيها، ولا أعرف من الذي يمكن التقدم له بطلب إجازة؟ فالعقل لا يتوقف عن التأمل والبحث عن الأفكار في كل شيء تقابله.. أعيش داخل فايل وورد، وهو مكان لا يتسع لكثيرين، مجرد شخص واحد وأفكار كثيرة…».
احتفظت بهذه الكلمات عندي على حسابي على صفحة فيس بوك على الرغم من توقف صفحة جريدة الدستور التي نُشر بها المقال، وتلك الكلمات التي لا تمثل لي جزءًا كبيرًا من حياتي بوصفي كاتبةً وباحثةً وحسب، بل تلخص لي من هو عمر طاهر: فايل الإبداع المفتوح على خط العمر.
تختلف أو تتفق معه، تتهمه أحيانًا بالشطط ومرة بأن كتاباته قد تصلح لفئة الشباب دون غيرهم، لكن لا ننكر أن عمر طاهر بمنتجه الفكري المتنوع من مقالات وبرامج وسيناريو أفلام وحتى منشوراته على الفيس بوك كانت طيفًا جميلًا من ذكريات المراهقة ومرحلة الشباب.
اتجنن.. كانت حملة عمر طاهر المعجونة بالشغف وحب التجربة والاعتراف.. وأكثر اعترافاته قربًا لقلبي الحلقة التي سجّلها في بيته برفقة ابنته الكبرى رقية “كوكا” وجملته الخالدة: “في الجواز مفيش حاجة اسمها الشخص المناسب.. الحقيقة إنك لازم تتعب عشان تبقى أنت الشخص المناسب”.
وعلى سيرة الجواز كتب عمر مقالًا عن أن الأمومة بالفطرة، لكن أن تكون أبًا هو أمر صعب ولا يتحقق بين يوم وليلة.. عبّر فيه بكل الإنسانية والصدق عن تجربته ومشاهدته كيف يتحول الرجل إلى أب.
بين ثناء وسناء.. يحكي قصته بين سيدتين في حياته هم الأهم: ثناء والدته الذي دعمته طيلة حياته وسناء البيسي التي أعطته الفرصة الأولى في عالم الصحافة.
برما هذه الشخصية الأسطورية من بنات أفكار عمر طاهر.. يحاورها وتحاوره .. ما أكثر ما كتب على لسانه أفكار ًا تمثل الآخر ذلك الشخص (اللي ماشي بالبركة) ضاربًا بالحياة عرض الحائط!
كثيرة هي الإبداعات التي شكَّلت علامات في هذا الجيل.. أحدثك عن النشرة التي استحدثها عمر طاهر في رمضان وننتظرها قبل السحور كأنها فوازير جيلنا.. أم عن صنايعية مصر، هذا الكتاب الذي أعاد إلى بعض المبدعين والأسطوات في مجالات كثيرة جزءًا من حقهم المهدور بأسلوب سلس يخترق القلوب، أم أحدثك عن حب عمر طاهر لآل البيت في كتبه وشراكته مع عزيز الشافعي لتلحين أغاني عن سيدنا النبي.. أو مقاله: “احنا زارنا النبي” عن حب المصريين للنبي وسيرته وتداولها على ألسنتهم في مختلف المناسبات.
تعرف يا أبا رقية وليلي أن خير الكلام ما قل ودل.. وفي سطور قليلة لا توفي مشوارك الجميل وكل ما فيه من محطات.. تمنياتي أن يظل فايل العمر دائمًا مفتوحًا، لتسوّده بفنك وإبداعك وحتى دعوتك إلى الجنان، اتجنن يا عمر طاهر.
المؤلفة والباحثة بمكتبة الإسكندربة الدكتورة رضوى زكي
اقرأ أيضًا:
عمر طاهر.. حضوره بساطة ومعرفة وونس
لماذا نقرأ لعمر طاهر؟ ولماذا نكتب عنه؟