عندما كنت أمًا صغيرة، كل نشاطاتها الأطفال والتليفزيون، لم يكن لشيء أن يسرق تركيزي بسهولة في هذا الوقت، صادفت برنامجًا على قناة جديدة يستضيف شابًا مختلفًا، شابًا لا تستطيع إلا أن تستمع إليه بكل حواسك، لأول مرة فعلًا أبحث عن اسم شخص وأهتم أن أحفظه وأتابعه!
في السنين الأولى من فيس بوك لم أكن أجد من يعبر عن رأيي وسط حالة اللغط الفكري والسياسي في البلد وفي نفسي أيضًا مثله. عندما سمعت أغنية “ضد الملل” أصبحت أسمعها حتى الآن وكأنها النشيد الوطني الخاص بي. لم يكن لديّ وقت للقراءة في وقت ما، لكني لاحظت أنه كتب مسرحية لطيفة جدًا عن مذبحة محمد علي، اللطيف فيها أن الحوار كان أقوى من العمل ككل، تجرأت لأول مرة وأرسلت له رسالة أن النص هو البطل.
واللطيف والغريب أنه رد رغم أننا لم نكن أصدقاء، عندما عدت للقراءة بشكل أكبر وبدأت أكتب، صادفت كتاب جرّ ناعم، وشعرت لأول مرة أن الكتابة الصادقة النابعة من مواقف حياتية حقيقية أجمل بمراحل من الروايات المؤلفة، وأن تكون كاتبًا له أسلوبه الخاص مثل العلامة المسجلة يستطيع القارئ أن يعرفه من بين ألف كتابة، شيء جميل وملهم.
أيقنت أن هذه هي الطريقة التي أحب أن أكتب بها.
بعدها بمدة أصبحنا أصدقاء على فيس بوك، وفي ندوة له في أثناء وقوفي مع أصدقاء مشتركين يرحبون به ويتحدثون معه بينما أنا صامتة ومكتفية بالانبساط. فجأة سألني عن روايتي الجديدة، كانت لحظة مفاجئة وجميلة في حياتي، لم أعتد من كاتب نصف معروف أن يسألني عن عمل لي، فما بالك بعمر طاهر!
لم أعتد أن أهدي كتبي للكتاب الكبار، إلا مرات قليلة وشعرت بالضيق من نفسي لأن كتابتي لا تستحق التوزيع على من لا يهتم، لكن لأن عمر طاهر كبير وأكبر من كل الأشياء المعتادة، فقد جعلني أشعر أنني أكتب، ومن بين الكثير من الكلام الجميل الذي أسمعه، كل جملة تشجيع منه كانت جائزة.
عندما أحتاج إلى أن أقرأ شيئًا ملهمًا أدخل صفحة عمر طاهر أو أقرأ كتابًا له، أحتفظ بكتبه لأولادي عندما يحبون القراءة يومًا ما. تنقسم كتبي إلى روايات وقصص وكتب عمر طاهر.
هذا الكاتب الذي عندما أحضر ندواته تظل تشد انتباهي من أول كلمة لآخر كلمة، حضوره كله بساطة ومعرفة ولطف وقرب وونس. سأظل دائما ممتنة لوجود عمر طاهر.
اقرأ أيضًا:
عمر طاهر: فايل الإبداع المفتوح على خط العمر
لماذا نقرأ لعمر طاهر؟ ولماذا نكتب عنه؟