المنطقة الحرة

إلى أستاذ م.ب.. محاولاتك لم تفشل كثيرا

دينا سعد - اكتب صح

كان نصيب تعليم اللغة العربية فى الابتدائية لأبلة ليلى.

 لم تك أبلة ليلى المعلمة اللطيفة التى تدفعك إلى حب مادتها، فهى تنفعل كثيرا وصوتها مرتفع دائما، تحب الصراخ جدا وتعشق المبتدأ والخبر أكثر من تلاميذها، حاولت أن أغير فصلى؛ كى أهرب منها لكننى فشلت، كنا نأخذ حصة اللغة العربية يوميا، وكنت أخشاها أكثر من أى شىء، ترتب على ذلك كرهى لتلك المادة شكلا وموضوعا، قلبا وقالبا.

كان من عاداتى وأنا صغيرة أن أربط حبى للمواد الدراسية بمدرسيها، ولذلك فكان من العسير أن أحب مادة اللغة العربية، وللأسف من جاء بعد أبلة ليلي لم يكن أفضل منها؛ فمعلمى هذه المادة يشبهون بعضهم إلى حد كبير؛ ولم يختلف معلمى فى المرحلة الابتدائية عنه فى الإعدادية، هم غالبا أشخاص ملتزمون يتحدثون اللغة العربية بطلاقة يصعب فهمها، ينفعل فى أثناء الشرح ويغضب لأسباب لم أكن أراها كافية للغضب.

ومن هذه الأسباب كلمة أخطأت فى إعرابها مثلا، ولكنهم فى جميع المراحل لم يعلموا أو يؤثروا فى ذاكرتى إلا بالسلب حتى جاء معلم الثانوية العامة، والذى بدأ تغيير الصورة المستقرة فى ذهنى من سابقيه.

أستاذ م.ب كان مختلفا عن الجميع، ورأيت فيه بصيصا من الأمل، وهو طويل جدا يصل إلى الباب، أسمر البشرة ومتزمت قليلا، متعصب للغته جدا، لكنه أراد لى حب اللغة أخيرا.

كان يتحدث معى عن جمال البلاغة والأدب وعندما استشعر أننى أحب القصص قرر أن يقرأ لى القصة المقررة خطوة بخطوة؛ كى أستمتع بها.

وقد استطعت أن أتصالح مع بعض فروع اللغة بعدما كنت أشعر أننى أواجه بحرا كبيرا وعميقا، بلا أى طوق نجاة، فهى مادة غير المفضلة بالنسبة لى وتتوج ذكرياتها أبلة ليلى و أبلة نجلاء والكثيرون منهم، أحببت الأدب والبلاغة والشعر، ولكن ظلت مشكلة النحو قائمة كعفريت يحضر وفشلت كل المحاولات لصرفه.

لقد كان يسرق لى من الزمن وقتا ليعلمنى اللغة، فحقا لم أكن أشعر أننا نقرأ فى القصة لمدة ساعتين، ونناقش موقف فلان وموقف فلانة بمنتهى الجدية.

استطاع معلمى أن يغير لى فكرة المعلم الحافظ مش فاهم وقد لقننى درسا حقا لن أنساه، فطريقة إلقاء المعلومة لا تقل أهمية عن المعلومة نفسها، وكل شىء قابل للحب لو علمت مفاتيحه، سوف ينتهى كل شىء صعب حينها.

لم تكن اللغة العربية أصعب شىء، فطريقة تدريس معلمى اللغة كانت أصعب من اللغة نفسها!

اقرأ أيضًا:

الأستاذ هاني وردة

وصرخت ميس صافيناز

رسائل الغياب

لماذا 1لم تعودي يا ميس شيرين؟ 

المدينة البعيدة

كساحر خفيف اليد

Comments

التعليقات

أظهر المزيد

مقالات مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى