آخرة الشطارة!
أكثر مادة لها ذكريات معي: اللغة العربية.
ربما لأن والدتي محامية، وكانت تهتم بجعلي أكتب بلا أخطاء لغوية أو إملائية. وكانت تشجعني طول الوقت على كتابة المقالات والقصص.
كنت أملك أيضا مكتبة مليئة بالأجندات، التي أخط فيها مؤلفاتي، بينما كنت في المرحلة الابتدائية، فيما كان باقي المكتبة محتلا بمجلدات ميكي جيب، من أيّام كنت أبيض وأسود، وجميع أعداد ملف المستقبل ورجل المستحيل وفلاش وسماش وما وراء الطبيعة وصرخة الرعب.
هذه المقدمة الطويلة لأقول إنني كنت متميزا في اللغة العربية، وكان خطي جميلا، من كثرة ما كنت أعكف بالساعات على كرّاسات الخط!
شطارتي وضعتني في موقف سخيف جدا، من المستحيل أن أنساه، كانت لدينا مدرّسة لغة عربية في أولى إعدادي، اسمها حنان، وكانت تطلب منا واجبا أسبوعيا اسمه الإملاء المنزلي، أن يملينا أحد من البيت صفحة من كتاب أو مجلة أو غيرها.
وطبعا لأني كنت أعشق هذا الواجب، كنت أمارسه بمنتهى الضمير، وأجعل أمي تمليني قطع صعبة من صحف وكتب قانون وغيره. مرة أنهيت جميع واجباتي، ثم طلبت من أمي أن تمليني قطعة ثانية، وثالثة ورابعة، إلى أن انتهت كراسة الإملاء! ثم وضعت تاريخ اليوم على الموضوعات جميعها، ثم مسحت التاريخ بالكريكتور، ووضعت تواريخ حصص الإملاء الأسبوعية كلّها مقدما، حتى نهاية العام!
وعندما شاهدت ميس حنان ما فعلت، شكت أنني لعبت في تواريخ أسابيع قديمة، كي أداري تقصير في كتابة الإملاء! ورغم محاولاتي المضنية إقناعها بما حدث، وعرض الكراسة منذ بداية الحصص، صممت على معاقبتي مع باقي الطلاب الذين لم يؤدوا واجبهم!
كان العقاب ضربتي عصا والحرمان من الفسحة!
وهكذا، جنيت أول ثمرة لتفوّقي، وأصبحت بعدها أكثر حذرا في إظهار شطارتي!
مينا عدلي – كندا
اقرأ ايضًا: