مختلفة!
آخر اليوم، أرتمي بين أحضان دمية خرساء، وأملأ الفراغ بأحاديث باهتة عن الثورة والكتب والصحف!
أقرأ كتبًا لأجامل أصحابها، وأنسى أشياء كثيرة من عبق البيوت العامرة، أشتهى أكلات أصنعها، لكنني لا أجد من يشاركني المائدة، فلا أفعل، حتى أنسى وصفات الطعام التي كنت أجيدها، وأكتسب عادات جديدة أكثر سوءًا!
لا أهتم بصحتي، وأستمتع بآلامي الجسدية، حتى تشغل تفكيري عن الوجود الفارغ!
أشتاق كثيرا لأداء دور السيدة التي تقدّم مشروبات لضيوفها، أتأمل إحساسها بالفخر أمام قريناتها، بأن لديها أطقم من الصحون الصينية “النوريتاك” وكؤوسا من الكريستال البوهيمي وملاعق “كريستوفل”، وستائر من الأورجانزا وأباليك من البرونز.
أحلام وردية.
السيدات يحسدن حرّيتي، وأنا أنظر لإنجازاتهن!
أطفال تصيح وتصرخ، وميزانية تقصف الجيوب لتوفير مصروفات مدارس وتعليم، ورجال يستحمّون بعد ليالي الخميس، وثلاجة جديدة ومايكرويف.
مفردات لا تدخل قاموسي.
أنا صورة قد تبدو مبهجة.
فتاة صغيرة حرّة، تكتب، تتألق، تتكلم، تقرأ، الكل يصافحها، لا أولاد يأخذون من ميزانية مساحيق التجميل، ولا زوج يأمرني بالطواجن ولف أوراق العنب، لكنني أحلم برجل ما، ألتقيه فقط على الزاوية اليمنى أسفل النافذة، في مثلث يحتوي الوسادة.
بين عظام جمجمتي فقط (هناك يقبع رجل) أمارس معه الجنون.
بين عظام جمجمتي، عندما يعود الأمل وترحل حالة التذمر واليأس، أشعر بأنني عظيمة وجميلة.
أستمتع أكثر بقوائم الموسيقى على جهازي المحمول، وأجتهد في البحث عن أفكار منفردة أكتبها في الصحف، فأجد الصباح جميلا والوجوه مألوفة، وأحمد الله على متعة امتزاج رائحة الصباح بالقهوة التركية، وأضحك مقرّرة الذهاب إلى السينما مع صديقتي الثائرة دائما، وأستمتع عندما أنجح في تهدئة ثوراتها وجدالها السياسي، وأشعر بالمجد عندما أكتشف أنها أنثى مثلي، تحتجب خلف النضال الوطني كي لا يرون أنوثتها.