المنطقة الحرة

رسائل الغياب «6».. سيدة اختارت حبيبا وحيدا في كل شيء!

نسمة تليمة
حبيبي.. ماذا تعرف عن سيدة ضلت حلمها؟
ماذا تعرف عن سيدة اختارت حبيبا وحيدا في كل شيء؟
سيدة اقتربت ساعات الذكرى الأولى لرحيل حبيبها، فأجلست ابنتها -بنت الحبيب- فوق قدميها وهي تطالبها بتناول وجبة العشاء، وفي نفس الوقت تردد كل المشاهد داخل عقلها المسكين.. وترى كل الأروقة التي هرولت إليها لتنقذ رجلا استطاع أن يراها بوضوح كما لم تر هي نفسها!
 ماذا تعرف عن محاولات فاشلة لوقف دموع تنعي الحلم، وتغنّي لطفلة تشبهك حد الأمل؟
 ماذا تعرف عن سيدة تنتظر أن ترى حبيبها في الحلم، فيتحوّل يومها إلى يوم تقليدي باهت الألوان دون طيفك، ستطارد الإشارات وتبحث عن حكمة لا يعلمها إلا عالم الغيب.
 تسأل نفسها كلما مرّت دقيقة إذا كان الله يعلم أني أحبك كل هذا الحب، فلماذا جعلنا نفترق؟ فمهلا ورحمة بنفسها، تطمئن بكلمات الله، وتظل تغمره بالأسئلة.
مرّ عام على الحضن الأخير واللمسة الأخيرة والنظرة الأخيرة التي تبعتها دمعة فراق، ظلّت تطل على خدك، فجاءتني الجرأة على محوها ومغادرتك… “رايحة فين هاجى تاني ..عشان ماما تيجي تشوفك.. هو ما ينفعش إنتو الاتنين تيجوا؟ لا عشان البنت.. طيب ما تتأخريش”. أعلم جيدًا أنني أمتن لك بشدة، أمتن لكلماتك في ساعاتك الأخيرة والتي ملّكتني كونا بأكمله حين قلت لي: “بحبك”، رغم آلامك ورغم زحام غرفتك، فلم يسمعها سواي.
 لا أدري شكل عالمك الجديد، وأتخيّل كثيرا كثيرا الزمن الذي يستغرقه حديثي إليك، ليصل إلى البرزخ، لكني أومن برحمته في إيصال صوتي إليك، هو أرحم الراحمين، ويعلم ما لا نعلمه، يعلم حتى كم تطرّفنا في كل شيء حتى شهدنا على حكمة الكون سويا.
عام علي رحيلك وما زلت أسمعك حدّ التلامس، ألتقط كل إشارة كما لو كنت رادارا يبلغ غريقا بقرب النجاة. كل علامة تخبرني بقربك حتى إنني أخبر من حولي من فرط فرحتي “هاني معايا حالا”!
فأنا رغما عني، أدخل في مرحلة عشق تخذلني فيها اللغة وتنصفني فقط رحمة السماء ورجاء الله، لا أحد غيره.
مشكلتي الوحيدة التي أصارحك بها يا حبيب العمر، أنني أرسل الكثير من التساؤلات إلى الله، فيطمئنني صوت لا أدري مصدره، بأنك آت لا محالة. حين ذهبت لزيارة السيدة نفيسة، وخلال حالة من البكاء الهستيري أمام ضريحها، وفي لحظة خارج مقاييس الكون، استمعت للمرة الأولى للآية القائلة “لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك”.. وأقسم بمن وضع حبك في قلبي، أنها نزلت عليّ بردا وسلاما، حتى توقفتُ عن البكاء وابتسمت ابتسامة سمعها من حولي، فاعتقدوا أنني من مجاذيب المقام الآتين للشفاء.
فقط أريد أن أعرف وأنت بصرك اليوم حديد كما أخبرنا الله، لماذا رحلت يوم ميلاد حبيبتك؟
ما الرسالة القادمة من عالمك النبيل؟
هل كنت ترى لذلك فهنأتني صباح رحيلك بعيد ميلادي؟
أعلم أن تلك التهنئة هي الأخيرة والوحيدة لي في حياتي، والتي ستملأ كل سنوات عمري، إذا كتب الله لي الحياة.
 البعض يغمرني بعبارات مواساة مرتبطة برحيلك فى هذا اليوم، منها أنها قد تكون إشارة إلى أنني امتداد لك، أو أنك أحببتني لدرجة رحيلك يوم ميلادي، لكنها جميعا لا تشفي روحي!
 والآن، بعد عام من الغياب، وإن اعتدتُ صورتك الجديدة، فإنك تعلم أن العاشق لا يكتفي بالجزء، وللسر في سر المحبين أسرار.. والمسافة بين الأرواح لها مقاييس جديدة، يعلمها الواحد الأحد.

Comments

التعليقات

أظهر المزيد

مقالات مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى