كأنها!
كأنها لم تشعر من قبل بأحد شفّاف متصالح طيب شهم محبّ نقيّ.. مثله!
هكذا أحسّتْ منذ أول نظرة، ارتياح سلس لم تصادفه قبلا منذ قدومها إلى المدينة المتوحشة!
رأت نفسها فيه، تمنّته، وتمنّت أن تكونه. تمنّت أخوته وأمّه وحياته ومعاناته، تمنّت لو استطاعت إسعاده يومًا، تذكّرت محادثتها الأخيرة معه:
– لسه مانمتش؟
– مش عارف أنام.
– ممكن تنزل دلوقتي؟
– إنتي كويّسة؟
– الحقيقة، لا.
– أنا جايلك.
وقبلها بدقائق، تحدثتْ إلى بعض المقربين منها، فلم يعيروا مكالمتها وبكاءها فجرًا أي انتباه! فتاة طائشة تبدو عليها أعراض مشكلة عاطفية ما، ما لهم ولها!
أما هو، فلم يسأل عن شيء، فقط حاول انتزاع ابتسامة من عينيها المنتفختين، والتخفيف عنها بحكاياته العاطفية القديمة، في شهامة لا تخطئها العين.
راجعتْ نظراته من جديد، كلماته، نظّارته، عيونه، قرّرتْ إعادة اكتشافه من جديد.
لم تشعر إلا بارتياح وسلام يغمران قلبها وروحها!
يومان لم يتركها لحظة، أدخلها بيته، احتواها بين ذراعيه، أحاطها بحنان لم تقابله من قبل، لم تخف ولم ترتب كعادتها، إنما استكانت في حضن السلام الذي كانت تشعر به.. فقط.
كان هذا طرفا من ليلتهما الأولى معا.
لم تستطع تركه، قلبها آلمها، أنفاسها تحشرجت، دموعها تقلقت.
كانت تريده أن يكون بخير دائمًا.
تراه رسولا بعثه الله لهدايتها، رغم صمته ووحدته ومشاكله التي لا تنتهي.
لا تستطيع فعل شيء له، غير بذل دموعها وابتهالاتها ودعواتها أن احمِه يا رب وخفّف عنه فهو رسولك أولا وأخيرا.
اقرأ أيضًا: