هل الله مذكر أم مؤنث؟
(1)
هل لفت نظرك أن أي اسم في اللغة العربية إما مذكَّر وإما مؤنَّث، وإما يجمع بينهما؟
أعتقد أن الإجابة البديهية هي: نعم، بالطبع، هذا واضح جدًّا في اللغة العربية.
طيّب… هل لفت نظرك أن أي اسم في اللغة العربية ليس ذكرًا، ولا أنثى، ولا يجمع بين الذكورة والأنوثة؟
…
ومعنى أنه “مذكَّر” أنه ليس بالضرورة ذكرًا، ومعنى أنه “مؤنَّث” أنه ليس بالضرورة أنثى، بل هو “شيء”، عاقل أو غير عاقل، ونحن نُضفِي عليه الذكورة فنذكِّره، أو الأنوثة فنؤنِّثه، أو كليهما فيجوزان فيه.
…
(2)
سأل سائلٌ: هل الله مذكَّر أم مؤنَّث؟
ودارت مناقشات طويلة، وردود كثيرة، حول الذات الإلهية، وهل يجوز تذكيرها أم/أو تأنيثها، وتَطرَّق الأمر إلى فروع عديدة وصلت إلى الأنبياء والآلهة والأصنام، إلخ.
ولكن كل الردود لم يلتفت إلى شيء شديد الأهمِّية، هو أن السؤال نفسه خطأ كبير.
الله لا يمكن أن يكون مذكَّرًا ولا مؤنَّثًا، فما يكتسب التذكير أو التأنيث أو كليهما هو اللفظ، الكلمة، الاسم.
مثلًا كلمة “الدار” مؤنَّثة، وهي بنفس معنى البيت، ولفظ “البيت” مذكَّر… فهنا التذكير والتأنيث يختصّ بهما اللفظ، لا المقصود باللفظ، فلا البيت ولا الدار ذكر ولا أنثى، فهما جَمادان، والجماد لا يتناسل، وليس فيه أي دليل أو سبب لأنوثة أو ذكورة.
والله سبحانه وتعالى على الطرف الآخَر من الجَماد، فهو الخالق جلّ وعلَا، الأعلى من كل عاقل، لا يجوز تذكيره ولا تأنيثه. أما ما يذكَّر ويؤنَّث فهو اللفظ، لفظ الجلالة، كلمة “الله”، فهو لفظ مذكَّر غير مؤنَّث.
نعود إلى السؤال: “هل الله مذكَّر أم مؤنَّث؟”… الخطأ هنا أن السؤال عن الله، لا عن “الله”. عن الذات، لا عن اللفظ.
…
(3)
طيّب، لماذا يذكَّر لفظ الجلالة ولا يؤنَّث؟
هنا ينبغي لنا تحليل منطق التذكير والتأنيث في اللغة العربية، فنتأمل هذه النقاط، مع الوضع في الاعتبار أننا نتحدث عن اللفظ المفرد:
1- الأنثى في اللغة العربية مؤنَّث فقط.
2- الذكر في اللغة العربة مذكَّر فقط.
3- المؤنَّث في اللغة العربية يخص المؤنَّث فقط.
4- المذكَّر في اللغة العربية لفظ عامّ، قد يخصّ المذكَّر وقد يعمّ المذكَّر والمؤنَّث.
وانطلاقًا من النقطة الرابعة، فالألفاظ المذكَّرة قد تعني المذكَّر والمؤنث، أي إنها ألفاظ شاملة عامة، فحين تقول: “مَن قال لا إله إلا الله دخل الجنة”، فأنت تعني مَن “قال” ومَن “قالت”.
وحين تقول: المرء على دين خليله، فأنت تعني أيضًا أن “المرأة على دين خليلتها”.
وحين تقول: “ما هذا؟”، فأنت تعني “ما هذا” و”ما هذه”.
إلى آخر الأمثلة والشواهد التي بلا حصر.
ومن هذا نخلص إلى أن لفظ الجلالة “الله” هو لفظ مذكَّر لأنه شامل عامّ، لا يُقصَد به ذكر ولا أنثى.
اقرأ أيضا:
خطة زمنية لإتقان قواعد النحو في وقت قياسي + كتاب للتحميل
ألف الوصل وهمزة القطع: الهمزة المظلومة بيننا
من الشيصبان للعيثوم.. اعرف أسماء ذكور الحيوانات وإناثها
هل توجد ألفاظ غير عربية في القرآن الكريم؟
معلومات يجب أن تعرفها قبل استخدام كلمة «كيلو»
أهم 5 قواعد في تأنيث الفعل وتذكيره