المنطقة الحرة
مئة روح
في طريقي إلي البيت اليوم، أحصيت مئة شخص، مئة روح، مئة روح تائهة بشكل أو بآخر. مئة روح رمادية، مئة روح ظالمة ومئة روح مظلومة، مئة وعد مُخيّب، وما هي الاحتمالات؟ لنَقُل أربعين وعد مُوَفّى. آلاف الطموحات وآلاف الأحلام، ملايين الأفكار.. من يدري؟ لعل إحداها تكون خيرا لروح أخرى. ولعل إحداها تأتي وتنصرف عن ذهن صاحبها دون أن يعيرها اهتمامًا، لعل إحداها تكون الطفرة المقبلة في علم الفضاء أو الهندسة أو الطب، من يدري؟
مئة مُحب ومئة كاره، مئة صامت ومئة ثرثار، مئة باكٍ ومئة ضاحك، مئة مبتسم ومئة عابس، مئة مؤمن، بدرايته أو دونها. مئة ثورة! مئة عقل متسائل ومئة قلب مسامح وإن كان بعد الأوان، مئة توق، مئة شغف. مئة مُتَمَلِق ومئة مُتَمَلَق، مئة مُكَبّل بقيود وهمية، مئة مُساق ومئة سائق، مئة جزء من الصورة الكاملة ومئة كيان مستقل بذاته، مئة مُمَيَّز ومئة مُكرَر. مئة مشتاق ومئة متألم، مئة مُنكسِر، مئة نادم، مئة مُقسِم ألا يعيد الكرّة، مئة مُتعَب ومئة مُستَهلَك، مئات الأوجاع غير المُحتَمَلة. مئة روح.. مئة فقط.
أوقفت العد عند المئة لدهشتي من هول المسألة برمتها، هول ما تشتمل عليه الروح الواحدة، هول ما تسحقه أحد الأرواح الظالمة دون دراية.
روحي تهاب الأمان وتهاب من يعطيها إياه، فالأمان يدفعني للقفز من الأدوار المنخفضة، لقربها من الأرض. والأمان يدفعني للثقة، والثقة عادة ما تؤدي للآمال المُخيّبة.