لهذا أرى مستقبل الإعلام والصحافة مشرقا
راندي بينيت
(مدير قسم ريادة الأعمال والشراكات الخارجية بجامعة فلوريدا، كلية الصحافة والاتصالات)
كعادتها في هذا الوقت من السنة، تحاول الشركات الإعلامية قديمة الطراز، احتواء مشاعر الاستياء السائدة عن طريق نشر الرسائل الإيجابية عن مستقبل هذا المجال، بينما تستمر في تخفيض نفقاتها.
إلا أنني حضرت الأسبوع الماضي، مؤتمرين متباينين، تجنبا للرسائل الدعائية والإغراق في التفاؤل (واليأس أيضًا)، ليقدما بدلًا من ذلك، منظورًا طليعيًا وعمليًا بلا جدال، وهما:
-مؤتمر أمريكا إيست America East المعني باستراتيجيات الإعلام والتكنولوجيا، ومؤتمر الصحافة التفاعلية Journalism Interactive الذي يحضره في الغالب مدرسو الصحافة، ويركز على إلهام وإعداد الجيل المقبل من الصحفيين.
وعلى الاختلاف الكبير بين جمهوري المؤتمرين، فإن بعض الموضوعات المشتركة قد انبثقت من كليهما، مثل:
من الآن فصاعدًا، ستمثل البيانات الرقمية نواة كل أعمال الشركات الإعلامية
من المنتظر أن تنبني كل استراتيجيات الأعمال على البيانات الرقمية، بما فيها استراتيجيات اكتساب العملاء الجدد والحفاظ على العملاء الحاليين، والمبيعات، والتسعير، بالإضافة إلى تحديد الفئات المستهدفة، وأساليب تطوير كل من المحتوى والمنتجات.
أما فيما يتعلق بالصحافة، فإن مجموعات ما يسمى بالبيانات العميقة وتطبيقات التحليل المتطورة (والمجانية في معظمها) ستدفع بالتحقيقات الاستقصائية إلى الأمام، حيث ستؤثر التحليلات الآنية على اختيار عناوين الأخبار، وشكل ومحتوى المقال، والتسويق، وتحديد أي منصّات النشر أكثر فاعلية، وموضع القصة.
الخلاصة: ينبغي على الشركات الإعلامية العثور على علماء بيانات جهابذة، وصحفيين متمرسين في تحليل البيانات، لكي تزدهر.
المستقبل للوسائل المرئية
فبينما ستحتفظ الكلمة المكتوبة بأثرها كأحد أشكال التعبير، فإن القصص المرئية –والتي تُصنع باستخدام خليط من الوسائط الإعلامية (وإليكم مثال رائع عليها Rivera-King-of-the-Closers) – سينتج عنها مشاركة وفهم أعمق من قِبَل متلقيها، كوننا في عالم يفضل الرسائل التي لا يتجاوز زمنها ست ثوانٍ.
لذا يُتَوَقع أن يزداد الطلب على الصحفيين القادرين على صياغة قصص إخبارية آسرة باستخدام الفيديو، والكتابة، والوسائط السمعية، والصور المتحركة، والتصميم الإبداعي، وتطبيقات دمج الواقع الحقيقي والافتراضي، وغيرها من الأدوات.
كذلك فإن المؤسسات الإعلامية التي توظف أساليب ممتعة لعرض الأخبار على مختلف أنواع الأجهزة والمنصات، ستجذب المسوقين الذين يستهدفون هذا الشكل من التواصل، والذي كان يستحوذ التلفاز عليه من قبل.
لا غنى عن المشاركة المجتمعية لتحقيق النجاح على المستويين التجاري والصحفي
يختلف تعريف كلمة “مجتمع” باختلاف المنظمات، لكن بغضّ النظر عن التعريف، فإذا فشلت مؤسسات الإعلام في التواصل الجاد على المستوى الوجداني مع دوائر جماهيرها، سيتجه هؤلاء العملاء إلى ناشرين يبدون أكثر إمتاعًا وإلهامًا وقربًا لاهتماماتهم.
فمثلاً تقدم منصّات التواصل الاجتماعي أدوات ممتازة لتحقيق التواصل ونشر المعلومات والترفيه لهؤلاء العملاء. ويمكن للصحفيين الاستفادة من التكنولوجيا لتأسيس هوية إعلامية، تضفي عليهم المزيد من المصداقية وتعمق تواصلهم مع قرائهم.
تقبل الحلول التكنولوجية لمشكلات المؤسسات الإعلامية وعملائها
ظهر طيف واسع من الأدوات والتقنيات المتاحة للجميع -سواء لحلول الصحافة المطبوعة أو الرقمية- والتي تيسر إجراءات التشغيل، وترفع مستوى الجودة، وتنشئ المحتوى وتنشره في مختلف المنصات، وتوجِد موارد ربح جديدة، إلا أن الأدوات المتوافرة لتحسين الاستقصاء وصناعة التقرير ورواية الخبر -بدءًا من طائرات التصوير دون طيار وحتى جداول البيانات المرئية التي تقدمها شركة جوجل Google fusion tables- قد تربك الصحفيين لكثرتها.
لذا تشير إيمي ويب، خبيرة الاستراتيجيات الرقمية والمديرة التنفيذية لمجموعة شركات ويب ميديا Webbmedia، إلى مجموعة لا غنى عنها من الأدوات تتضمن MindMeld، وQuill، وWolframAlpha ، يمكن باستخدامهم تغيير طرق العثور على الخبر وتقديمه وتحريره جذريًا، أما من يستغرقون في التفكير فيما إذا كان على شركات الإعلام التحول إلى شركات تكنولوجيا، أو ما إذا كان على الصحفيين تعلّم البرمجة، فهم إنما يطرحون الأسئلة الخاطئة.
في الحقيقة يُعد الجانب التكنولوجي من منصات ومهارات أسهل ما في الأمر، بينما الشاق فعلاً هو أن يكتسب المديرون الإعلاميون والصحفيون من الكفاءة التكنولوجية ما يؤهلهم للتفكير بأسلوب مختلف وإبداعي في ما هو ممكن حقًا.
من هنا نصل إلى الموضوع الأخير: من الضروري أن تكون ريادة الأعمال شريان حياة المؤسسات الإعلامية، والهواء الذي يتنفسه الصحفيون.
فبينما رحبّت الصحف وشركات الإعلام التقليدية الأخرى بالابتكار، من المستحيل أن تزدهر ريادة الأعمال الحقة في ثقافات تتجنب المخاطرة.
لذا حث الناشر بمؤسسة USA Today لاري كريمر – والذي ألقى كلمة في مؤتمر شرق أمريكا -شركات الإعلام على “مكافأة وتحفيز الناس على القيام بالأمور بطرق مغايرة” وأيضًا على “توظيف القادرين على التفكير رياديًا مع الاحتفاظ بتفهم لاحتياجات الجانب التقليدي من المجال”.
بينما شجّع متحدث آخر، هو إيان مينديولا المدير التنفيذي لشركة Umano، الحضور على البحث بين المبتكرين الشباب و”تكوين فريق مخصص لاستكشاف الأفكار الجنونية”.
أما في مؤتمر الصحافة التفاعلية، فلم يكتفِ المشاركون والمتحدثون الرسميون بمناقشة قيمة التفكير الريادي وكيفية تدريب الصحفيين الناشئين عليه، بل استعرضوا استخدام عقلياتهم الإبداعية في أثناء العمل في مؤسسات غاية في التقليدية. يُذكر أن معظم برامج التدريب الصحفية منذ خمس سنوات، لم تكن تعلّم طلابها إضافة الوسوم إلى مقطع فيديو، أو تجميع البيانات من الإنترنت، أو استخدام كود JavaScript لتحليل البيانات، من أجل تقديم قصة جيدة. لهذا يُعد هؤلاء المعلمون المنتمون إلى كليات طليعية مختلفة، مرشدين إلى عصر صحفي جديد.
في النهاية، لم أخرج من المؤتمرين بأفكار حول مدى القوة النسبية للمؤسسات الإعلامية، ولا أهمية الدرجات العلمية في الصحافة، وإنما خرجت بأدلة ملموسة على وجود مبتكرين بيننا، يُلزمهم شغفهم بتغيير الفكر السائد. هناك مديرون تنفيذيون في مجالي الإعلام والتكنولوجيا، يجرّبون نماذج أعمال ومقاربات مؤسسية جديدة. هناك صحفيون ومدرسو صحافة متحمسون بشأن استخدام التكنولوجيا للوصول إلى الأخبار المخبأة، ورفع درجة محاسبة المسؤولين، وتوفير المعلومات للمواطنين، وإشراك الجماهير بطرق كانت مستحيلة قبل الآن.
إذًا، ومن هذا المنظور، يبدو لي المستقبل مشرقًا بالفعل.
اقرأ أيضًا:
خطة زمنية لإتقان قواعد النحو في وقت قياسي
اكتب صح يطلق مصححا أوتوماتيكيا للغة العربية
أهم 5 كتب لمعرفة الأخطاء اللغوية الشائعة (متاحة للتحميل)
أفضل كتاب لتعليم الإملاء (متاح للتحميل)
ألف الوصل وهمزة القطع.. (6) إنفلونزا أم أنفلونزا؟
كيف ننمي اللغة العربية لدى أطفالنا؟
ما الـ Thesaurus؟ وهل توجد في اللغة العربية؟
استقالة القاضي السحيمي.. لماذا كل هذه الضجة؟
بخطوات بسيطة.. كيف تحوّل العامية إلى فصحى؟
4 مهارات أساسية لإتقان اللغة العربية
صور| نشرة أخبار الأخطاء – الجمعة 27 نوفمبر