أمل.. الأمل المبدع المتمرد الرافض
كيف تكون مبدعا دون أن تكون متمردا.. إن المبدع هو ذلك الواعي بالواقع الذي يعيشه، الرافض له، الساعي إلى تغييره، موجدا خلقا جديدا يدفع به هذا العالم إلى ما يريد. وما دمت تتحدث عن التمرد فأنت تتحدث عن أمل.. أمل يعيش داخلك أنت، فأنت تؤمن بأنك تستطيع أن تغيّر العالم.. نعم إنه أمل.. أمل دنقل!!
حطم أمل كل التابوهات التي وقفت أمامه، لم يعرف قيدا إلا حطمه.. لم يعرف قيدا إلا كسره.. لم يكن أحدا قبله، كان هو فقط.. كان نفسه.. تلك النفس المتفرّدة المتمردة المبدعة، فعاش أكثر من سنوات عمره الـ43، وسيعيش أبدا.
تستطيع أن تنظر إليه وهو يعقد مقابلته الخاصة مع ابن نوح، لتعرف من هو.. هو ذلك المتمرد على هؤلاء الحكماء:
المغنونَ – سائس خيل الأمير- المرابونَ- قاضى القضاةِ
(-ومملوكُهُ-)
حاملُ السيفُ – راقصةُ المعبدِ
(ابتهجَت عندما انتشلتْ شعرَها المُسْتعارْ)
– جباة الضرائبِ – مستوردو شَحناتِ السّلاحِ –
عشيقُ الأميرةِ في سمْتِه الأنثوي الصَّبوحْ!
هو الرافض لهؤلاء الحكماء الجبناء، المنتمي لذلك الجبل الذي لا يموت، ذلك الجبل الذي يسمونه الشعب، ساعيا إلى المجد، واصلا إليه:
ولنا المجدُ – نحنُ الذينَ وقَفْنا
(وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا!)
نتحدى الدَّمارَ..
ونأوي الى جبلٍ لا يموت
(يسمونَه الشَّعب!)
نأبى الفرارَ..
ونأبى النُزوحْ!
أمل دنقل، هو الذي قال: لا للسفينة.. وأحب الوطن.
انظر إليه حين رصد كلمات سبارتاكوس الأخيرة، مؤكدا أن المجد للشيطان..
المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال “لا” في وجه من قالوا “نعم”
من علّم الإنسان تمزيق العدم
من قال “لا”.. فلم يمت
وظلّ روحا أبديّة الألم!
قال أمل “لا” ولم يقل “نعم”، فلم يمت.. ظل حيا، وظلت روحه أبدية، لا تعرف الموت.. صحيح أنها تعرف الألم، لكنها تعرف الأمل بالقدر نفسه.. الأمل في تغيير ذلك الواقع الذي يرفضه. ربما تعلق رقبته على المشانق، وربما يحني الموت جبهته، لأنه لم يحنها أبدا حية، فقد عاش رافع الرأس، فظلت روحه باقية للأبد.
معلّق أنا على مشانق الصباح
وجبهتي –بالموت- محنيّة
لأنّني لم أحنها .. حيّة!
اخترق أمل التاريخ، مقلبا صفحاته، وكما قابل سبارتاكوس، قابل زرقاء اليمامة، فاستنجد بها لتساعده على تغيير ذلك العالم، طالبا منها أن تتكلم، فقد عاش كارها للصمت، معليا الصوت دوما..
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي.. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ.. يطلب المزيدا..
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
“ما للجمال مشيُها وئيدا..؟!”
أجندلاً يحملن أم حديدا..؟!”
فمن تُرى يصدُقْني؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا:
“ما للجمال مشيُها وئيدا..؟!”
“ما للجمال مشيُها وئيدا..؟!”
ارتداء أقنعة التاريخ لم يكن يوما هروبا من أمل، فقد كان قادرا، مواجها، رافضا، معلنا ذلك بأعلى صوته، دون مواربة أو خوف، قالها عالية، واضحة: لا تصالح.. ولو منحوك الذهب..
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما –فجأةً- بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ – مبتسمين – لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفينِ سيفَكَ..
صوتينِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!
لم يتوخ أمل الهرب، فعاش أبدا.. وسيعيش.. سيعيش أمل أملا بيننا في عالم أفضل.
الشاعر أحمد عمار
اقرأ أيضًا:
اكتب صح يطلق مصححا أوتوماتيكيا للغة العربية
أهم 5 كتب لمعرفة الأخطاء اللغوية الشائعة (متاحة للتحميل)
أفضل كتاب لتعليم الإملاء (متاح للتحميل)
ألف الوصل وهمزة القطع.. (6) إنفلونزا أم أنفلونزا؟
كيف ننمي اللغة العربية لدى أطفالنا؟
ما الـ Thesaurus؟ وهل توجد في اللغة العربية؟
استقالة القاضي السحيمي.. لماذا كل هذه الضجة؟
بخطوات بسيطة.. كيف تحوّل العامية إلى فصحى؟
4 مهارات أساسية لإتقان اللغة العربية
صور| نشرة أخبار الأخطاء – الجمعة 27 نوفمبر