ليت أسماء تعي!
لم أكن أعرف عن أمل سوى ديوانه الموجود بين كتبي.
لم أكن أعرف عنه سوى اسم يتردد بين الحين والآخر، محاطا بالحزن أو الشجن عن الموت والفراق.
ذات يوم، حدثني صديق قديم وأنا وسط حزني، أسرد له كيف أن بحثي الدائم عن الأب لا وجود له.
ردد على مسامعي “ليت أسماء تعرف أن أباها صعد”.
لم يمت.. فقط صعد.
فماذا يقصد بالصعود؟ هل هي لعنة البحث عنه التي خشي منها أمل على طفلته وعليّ؟
كنت أعرف كل هذا، وأعرف البيت عن ظهر قلب. بحثت في الديوان عن القصيدة، ليس رغبة في معرفة بداياتها ونهاياتها، بل كي أعرف حقا ماذا كان يريد أمل أن يخبرني.
هل كان حقا يريد أن يطفئ الأمل الواهي داخل طفلته؟ هل كان يريد أن يفهمها ويجعلها تعي أن أباها وإن كان لم يمت.. فلن يعود؟!
حين قرأت القصيدة وجدت نفسي.
وجدت صورتي الوحيدة مع أبي.
وجدت البحر حيث نشأت، والخمر حيث لم أجد نفسي!
وجدت بحثي بلا جدوي عمن صعد.. وجدت موتي مرات ومرات، وغيبوبة وضوء روادني ذات مرة على سرير المشفى وحيدة وسط البرد، ورداء شفاف يداري الجسد الضئيل.
وجدت أمل فيّ..
ووجدت حزنه بداخلي، وغضب يتساءل: لِمَ يقتل الله الأمل مرة بعد مرة بعد مرة؟
كان أمل يعرف أنه لم يمت.. كذا عرفت عن أبي.
كان يعرف أنها تذكرة رحيل بلا عودة، وهذا أقسى من الموت. أن تطالع وجهه في رأسك يوميا.. مبدلا إياه بكل عابر بلا جدوى!
وتذكرت..
الوجوه التي نتعب كي نجدها، التي نشتهي رؤياها.
الجنوبي لم يمت، طالما أنه ترك روحي بين طيات كلماته، دون أن يعرفني.
الجنوبي ترك لي العزاء في غيابه، في صورة أبي، وفراش المرض، وحنين غير مبرر للحقيقة.
جومانة حمدي
قاصّة
اقرأ أيضًا:
اكتب صح يطلق مصححا أوتوماتيكيا للغة العربية
أهم 5 كتب لمعرفة الأخطاء اللغوية الشائعة (متاحة للتحميل)
أفضل كتاب لتعليم الإملاء (متاح للتحميل)
ألف الوصل وهمزة القطع.. (6) إنفلونزا أم أنفلونزا؟
كيف ننمي اللغة العربية لدى أطفالنا؟
ما الـ Thesaurus؟ وهل توجد في اللغة العربية؟
استقالة القاضي السحيمي.. لماذا كل هذه الضجة؟
بخطوات بسيطة.. كيف تحوّل العامية إلى فصحى؟
4 مهارات أساسية لإتقان اللغة العربية
صور| نشرة أخبار الأخطاء – الجمعة 27 نوفمبر