غني وفقير
هل سمعت يومًا عن عشق الحروف؟
تلك الحالة التي تأخذك من عالم باهت بلا ألوان، إلى عالم آخر، تتدرج به كل ألوان العذُوبة والسحر ..
وتلك السيمفُونية الحُلوة التي تجعلك تتراقص بين الكلمات ..
في بداية مُراهقتي، حينما قررت أن أقتني كتابًا لأول مرة من مكتبة أبي، وأن أتفرغ لقراءته، كان كتاب “خاتم في أصبع القلب ” للكاتب عبد الوهاب مطاوع.
لم يكن أبي ينزعج إن رآني أقرأ وأترك المُذاكرة، قدر انزعاجه من أن أقرأ بشكل خاطئ، فيعقد حاجبيه، وينظر لي من تحت النظارة ويقول بحدة “اقري صح يا نهال “.
ولا أنسى مُعلمة اللغة العربية التي كانت تكتُب الحروف وكأنها ترسمها، وتقرأ أبيات الشعر وكأنها تعزفها ..عشقت على يديها اللغة، وشربت من أبيات الشعر ما لا يروي عطشي حتى الآن ..
ومُعلّمة الدين التي حينما سألتها: بأي لغة نتحدث في الجنة؟ أجابتني: باللغة العربية. ففرحت وكأني ضمنت دخولي الجنة لمُجرد أني أُحب اللغة العربية، وأحصل كل عام على الدرجات النهائية.
وتلك المرة التي سألني فيها أبي عن مواصفات من أتمناه زوجا، أجبته: أحبّه يقرأ ويكتب؟
لا أعلم هل حُبي للغة العربية وراثة أم بالفطرة، كل ما أعلمه أنه فقير جدًا من لا يتحدث بها، فقير جدا من ظنَّ أن الكتابة باللغة العربية (مُوضة قديمة) وأن “الفرانكو” لغة العصر، وغني جدا من تمسّك بهويته أمام أهوائه، من أدرك أن في اللغة العربية حياة وتاريخا وعقيدة.
نهال الخضر
للتواصل مع الكاتبة، اضغط هنــــــا