المنطقة الحرة

في اليوم العالمي للغة العربية

12308402_10153744299404731_6695109940096304055_n

أحب اللغة العربية، وأراها من أجمل لغات الدنيا، وأثراها، وأبقاها أيضا.

تخرجت في كلية الآداب، قسم اللغة العربية وآدابها، وأعترف أن نظرتي وفهمي لهذه اللغة قد تغير بالكلية خلال سنوات الدراسة الأربعة، امتلكت مفاتيح ومداخل مكنتني من اكتشاف آفاق وكنوز لم أكن أعلم عنها شيئا قبل دراستي بالكلية.

وفي اليوم العالمي للاحتفال باللغة العربية.. تراودني ظلال أفكار قديمة، منذ كنت طالبا، وحتى تخرجت.. في يوم الاحتفاء باللغة العربية: هل يدرك من يعتقدون أنهم يدافعون عنها ويهتمون بشأنها أن اللغة “متطورة” و”متغيرة” ولا تقف عند قوالب ثابتة أو دلالات متحجرة محنطة في بطون المعاجم والقواميس؟

هل يعلم سدنة اللغة وحراسها الأشدّاء أنه إلى اليوم لا يوجد “معجم تاريخي مفصل للغة العربية” يسجل التغيرات التي طرأت على دلالات الألفاظ ويتتبع التراكيب والأساليب المختلفة ويقوم برصد “الحراك اللغوي” أو “الطوفان اللغوي” إذا صح التعبير خلال أكثر من عشرة قرون؟

هل هناك من ينتبه إلى أن إجادة اللغة ومهاراتها الأربع الرئيسية (القراءة/ التحدث/ الكتابة/ الاستماع) لا تتوقف عند حد “حفظ القواعد” أو اختزال اللغة في دراسة النحو.. وأنه مجرد مستوى من مستويات الإجادة التي تضمن الحفاظ على السلامة اللغوية واستقامة التعبير لا أكثر.. وأن دراسة النحو ليست “غاية” في ذاتها بل “وسيلة”؟

أما عن معضلة الفصحى والعامية، أو الازدواجية بين المستويين، فأعجبني جدا ما قرأته ذات مرة للأستاذ عباس التونسي، يقول إنه في كل اللغات ازدواجية، نعم، بدرجات مختلفة، ولكن المشكلة ليست في العامية، المشكلة في تعليم الفصحى. أرجو أن تتصفح كتب اللغة العربية في مصر لتعرف أحد الأسباب.

منذ القرون الأولى والعرب يتكلمون بالعامية، ولكنهم في المواقف الرسمية يتحدثون الفصحى، بل أقول لولا العاميات لأصبحت الفصحى في خطر.

العاميات ليست لغة أجنبية، إنها لغة عربية ويمكن للمتخصص أن يرد معظمها كلمات وتراكيب إلى الفصحى. لكي ندرس الظاهرة لا بد أن ننظر إليها على مستوى العالم العربي ونرى العوامل المشتركة والمختلفة.. لكل من الفصحى والعامية مجالها ومستواها، المشكلة في عدم القدرة على الانتقال بين هذه المستويات، ثمة غثاء يكتب بالفصحى أو بالعامية وهذه ليست مشكلة لغة.

هذه مجرد تساؤلات على هامش الاحتفال.. وكل عام واللغة العربية ومحبّوها والمعنيون بأمرها والعاملون على رفعة شأنها بخير وسعادة..

إيهاب الملاح

كاتب وناقد أدبي

Comments

التعليقات

أظهر المزيد

مقالات مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى