عن حبّها
تسلل حبّها إلى قلبي دون أن أدري!
لا أعرف حقيقة، متى تحديدًا عشقت الحَرْفَ، وبتّ أتأمله كثيرا، وأبحث عن معاني الكلمات في المعاجم، وأسعى لتعلّم قواعد اللغة العربية، ومخارج الألفاظ الصحيحة.
ربما في المرة الأولى التي قال لي والدي فيها: “اكتب خير ما تقرأ، ثم احفظ خير ما تكتب، تتأصل في نفسك الصنعة الأدبية”، والتي لطالما تردّدت في ذهني وما زالت تتردّد حتى الآن، هذه الحكمة كان لوقعها على أذنيّ تأثير السحر.
كانت بدايتي مع القراءة، حينما كنت أرى والدي ووالدتي يقرآن على الدوام، القرآن والجرائد والكتب، وغيرها، حينها فقط أدركت أن هناك سرا في هذه الصفحات التي يتصفحانها، فما الذي يجذبهما إليها؟ ما السر الذي يحشد كل هذا الصبر داخلهما لاستكمال القراءة؟ ما رسّخ لديّ حب اللغة وزاد من شغفي للغوص في بحورها.
علّمني أبي حب اقتناء الكتب الجيدة، وشاركته أمي -بذوقها الرفيع- في مساعدتي على إحسان الاختيار، فصرت أقرأ كثيرا وأحفظ أكثر، إلى أن كبرت وتعلمت التفريق وحدي بين الغَث والثمين.
وجدتني أقلدهما، وفي العاشرة من عمري، بدأت قراءة بريد القراء، الذي كان يُنشر في جريدة الأهرام، كنت أنتظره كل يوم جمعة، أقرأ المشكلات على عجل وأتمهل في قراءة الردود الحكيمة الرحيمة، للكاتب الكبير عبد الوهاب مطاوع، الذي اتخذت منه أبا روحيا لي منذ ذلك الحين.
ومن القراءة إلى الكتابة.. بدأت في تدوين مذكراتي وأنا في الرابعة عشرة من عمري، بعد ذلك، اتسعت دائرة قراءاتي وخبراتي في الحياة على مرّ السنين، فجربت ألوانا عدة من الكتابة بين القصة والنثر والشعر والمقال، وكلما زاد حبي للكتابة، زاد عشقي للغة العربية، وصرت أكثر شغفا بمعرفة أسرارها، إلى أن صارت جزءًا أصيلا من عملي.
اللغة العربية كنز ثمين لا يعرف قيمته من لم يذق منه، لكن من ذاق عرف ومن عرف اغترف.
أميرة هيبة
شاعرة وكاتبة